لم يكن وهماً

“في حياة كل منا وهمُُ كبير اسمه الحب الأول” .. هذه العبارة الشهيرة للكاتب الرائع احسان عبد القدوس تتردد في الأذهان كلما ورد الحديث عن أول حب .. لكن عذراً سيدي،  فحبي الأول لم يكن وهماً ! ..

الحب الذي يستحق لقب “الأول” .. هو في رأيي ذلك الذي يدخل القلب فيطبع عليه البصمة الأولى التي لا تنمحي بعدها أبداً.  يختمه بختم السِحر، ويغير خارطته و يرسم مسارات العواطف والانفعالات فيه. يمرر تلك المشاعر من هنا ، ويخلق موجة عشق هناك.  اصبحت مسارات يتبعها من  دخل للقلب من بعده، اذ قد لا يكون الأخير، بل انه دائماً ليس الأخير..انما يقولون أن الجرح الأول هو الأعمق.

هو الحب الذي يترك لك مع تلك البصمة .. ذكرى .. التي ليست كمثلها ذكرى !! . فذكراي  كلما مرت بخاطري ..ابتسمتُ وتذكرتُ جمال ملامحه ، و حلاوة أيامي معه  وتناسيت سبب فراقنا، لم يعد يهم الآن بعد كل هذه السنين، ولا أرغب في أن أكدر بهجة ذكراه بالأسف على فراقه. وأدركت لما لن تعوض تلك الذكرى مع غيره.. لأني استودعت بين يديه أجمل سنين عمري وذكريات الصبا، تلك التي اذا ذهبت لا تعود.  يوم لم أكن أعرف من الدنيا إلا هو، ولا يشغلني عنه إلا هو. ولأن دوام الحال من المحال، فكما صهرتني تجربتي .. صقلته تجاربه، أنا تغيرت  وأظنه قد تغير أيضاً .. لكن تبقى الذكريات كما هي ، تلك التي نجري عليها لنحتمي بها ونفتش عن انفسنا فيها يوم يفرغ حاضرنا من الحب والدفء والأمان. 

إن ذكرياتنا هي احد مصادر ثرواتنا التي ندخرها للزمن .. مضمونة ، لا يتلاعب بها أياً من عوامل الدنيا .. دائماً في متناول يدك أو عقلك في أي وقت. وأيضاً تزيد مع الزمن، تزيد غلاوة بالتأكيد.  والأجمل.. أنها ما زالت تداعب نفس البقعة من القلب كلما طفت على السطح !.

زهرة لوتس