تركيا … بدون أتراكها

بين سحر الشرق والغرب تتربع تركيا على عرشها الذي لا يدركه الا من وطئت قدماه ارضها.. مهما قرأت أو سمعت عن تميزها، فلن تدركه حتى تسافر اليها بالكثير من التوقعات و بعض الحب

 تركيا بلد له عبق خاص.. كل ما فيها خاص بها … أهلها ببشرتهم المميزة و قسمات وجوههم الجامدة ، مساجدها وآثارها الاسلامية المتناثرة خاصة في اسطنبول، رائحة توابلها ، شوارعها المنحدرة التي تتلاعب بمفاصلك، و اسواقها المكتظة ببضاعة بعضها جميل ومبهر و شديد التركية … وبعضها الآخر مجرد هلاهيل

اسطنبول 

مدينة شديدة الازدحام ، تذكرك بأختها قاهرة المعز مع اختلاف واضح في النظافة و نقاء الجو ، تبدو واضحة فيها حركة السياحة الداخلية، أتراك من مدن أخرى (على ما يبدو أنها ريفية) تمتلىء بهم الأسواق و الشوارع و المطاعم و الأماكن الأثرية. حتى أني في بعض اللحظات في طوابير الانتظار الطويلة شعرت كأني دخيلة عليهم اذ يفتقرون بشدة إلى أبسط مبادىء الضيافة و تقبل السياح برغم تنوعهم خاصة من الدول العربية

الأكل في مطاعم اسطنبول اكثر من رائع ،  اللحوم غير عادية ، ربما احببته لأنه يشبه كثيراً الأكل المصري أو ربما المصري يشبه التركي ! .. و لكن تظل لهم اكلاتهم الخاصة ونكهاتهم المميزة .. الا انهم على ما يبدو لا يعترفون كثيراً بالأرز كمكون أساسي ضمن وجباتهم

آثارها ممتعة جداً، أسعارها رخيصة ، هداياها التذكارية لطيفة ومغرية،  و هناك وسائل ترفيه لكل الأذواق والأعمار، و أيضاً النصب و الاحتيال فيها يصل إلى مستوى جديد خاصة سائقي التاكسي

بورصة

البصمة الحقيقية التي تركتها تركيا على قلبي كانت في بورصة… جبال و مرتفعات تحوطها و تنحدر منها اشجار و خضرة لا تنتهي ، مدينة مازالت بخيرها … لم يبذلوا جهداً كبيراً فيها لتستقبل الناس سواء سياح أو أتراك… فهي ساحرة بطبعها … صامدة تأبى إلا أن تفاجئك بجمال طبيعتها و برودة جوها المنعش … والله إن المنظر من فوق جبل الاولودغ قد أدمع عين ابنتي الصغيرة من روعته و تفرده

 للأسف ينتهي اليوم هنا –و في تركيا عموماً – في السابعة مساءاً … يغلق كل شىء ما عدا بعض المطاعم و القهاوي … و الحمام التركي! فتضطر أن تقضي الليل مسترجعاً لجمال نهارك و متململاً من آلام مجهود اليوم في انتظار ما سيحمله لك الغد من جمال آخر

أنطاليا

المدينة الساحلية الشقية  … منتجعات كثيرة و فخمة، شواطىء و ملاهي مائية .. و طبعاً مولد سيدي العريان … أكلة جمبري جبارة و رحلة بحرية ممتعة جدا … و شلالات غمرتنا بصور عائلية كثيرة ، ثم صعود مخيف للجبل …حرفياً وسط السحاب ..

جميلة تركيا … تغادرها بسعادة و انتعاش حاملاً معك الكثير من الذكريات التي تراكمت أسرع مما توقعت و شارباً لمئات من كاسات الشاي و القهوة التركية ، فقط هناك شيء ما عن أتراكها… فكيف تكون بلدهم بكل هذا الجمال ويكونون هم بكل هذا الجمود والعبوس و المزاج الحاد ، تقريباً كلهم لم تمر عليهم ثقافة الابتسام !!. و برغم أنها بلد سياحي ضخم  إلا أن الأتراك لا يريدون أن يتكلموا أو يتعلموا أي لغة أخرى … فكانت معاناة حقيقية للتواصل و تجاذب اطراف الحديث معهم في كل مكان… وتعب معنا عم جوجل في الترجمة طوال الرحلة… عبارة واحدة فقط يعرفها بعضهم بالانجليزية (من أي بلد أنت؟) … وددت لو قلت لهم أنا من بلد تتبسم للغريب قبل القريب … يسمونها بالتركي مِسِر

 

زهرة لوتس