هل أنا في حاجة لأن اذكر كم احب مصر وكم اشتاق لهواها.. و ذكريات طفولتي واحلى ايام عشقي فيها !! لا والله .. فالبرغم من غربتي عنها ، مازالت تعيش في ، وان كنت لا اعيش فيها .. كنت أتابع اخبارها ونبضات شبابها .. و ثورات الحق فيها.. وكنت اذهب لأقف في طوابير الانتخابات والاستفتاء في السفارة المصرية. أشهد بنفسي على تغير مناخها ، وإن كان هواها في خاطري لم يزل نفس الهوى، ثم أرى النُخَب وقد أُطلق سراح ألسنتهم وافكارهم .. هؤلاء الذين أزعم أني قرأت لهم وقرأت عنهم واستقرت في نفسي معاني الدنيا على احرف كتبوها بقلوبهم .. كان محركهم اليها نفس العشق لنفس البلد
واليوم.. وانا بعيدة .. اجدني في حالة من الارتباك والشك .. من حال البلد التي دخلناها آمنين عشرات المرات..ونتردد الآن في دخولها .. فهل ما زلتِ آمنة يا مصر؟! … حاولت مراراً أن أكتم السؤال .. لماذا وإلى متى ؟ .. كتمته لأن الأصوات التي تحوطني خارج مصر تعلو بأفكار مختلفة .. هناك من يقول : اعطوهم فرصة، وإن افسدوا فستكون هذه نهاية اسطورتهم.. وآخر يقول: مصر لم تعد مثل الأول .. أين الوناسة والأمان والسهر على نيلها حتى تشرق شمس يوم جديد من ايامها التي لا تعوض. وزميلي يقول: مصر لو وقعت .. كل الدول العربية ستضيع. ثم اسمع من يقول : لنصمت ونهدأ فترة.. فقد لبسنا جميعاً في الدستور ولا مفر الآن من ان نسير مع التيار، فلا نملك الا أن نتفرج على ما ستؤول اليه الأحوال. ..أما الأصدقاء والزملاء العائدين من اجازاتهم في مصر .. فيؤكدون أن كل شىء عادي ولا ارتباك الا في ميدان التحرير ولا قلق الا في نوافذ الاعلام. أما صوتي فيحدثني : يبدو أننا معشر الخارجين عن الحدود الجغرافية والحاملين لالقاب الغربة، لا تأثير لنا على اي شىء لا سلباً ولا ايجاباً .. فنحن نحدث بعضنا البعض ولا احد يسمعنا سوانا !! فترى لمن اسمع ومن اصدق ؟
الفضائيات تبث ضوضاء ليست كضوضاء مصر التي كنت احن اليها قبل اجازتي .. وحرية الرأي ليست هي التي انتظرتها.. لأنها اصبحت سباً وتشويهاً في الرأي وفي صاحبه وفي معنى الحرية الذي تاه في زحام المليونيات.. ناهيك عن محاذير الحِل والترحال بسبب فوضى الأمن. هذه ليست “مصري” التي كنت احلم لو اني مازلت اعيش فيها .. لولا اقداري التي وضعتني على طائرة لأحط على بلد غير بلدي .. واحيا فيها حياة ليست بحياتي
ستظل في خاطري.. وسأظل أحبها .. لكنني اصحبت اخشاها .. واخشى عليها.. مللت من اخبارها.. فهذه ليست باخبارها.. وأشتاق إلى الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان. فهل من مرفأ يلوح في الأفق يليق بأن ترسو عليه حبيبتي ؟
زهرة لوتس