الحب في زمن الكورونا

في أوقات الأزمات يحتاج كل منا الى من يستند اليه و يشد به أزره ويلقي على مسامعه كل يوم بأن الأمور ستكون بخير و انه هنا لأجله و لأجل سلامته. ولعل هذا الاحتياج هو المحفزالخفي للوقوع في الحب في زمن يسود فيه الخوف من الغد …و ما ادراك ما الخوف من المجهول

لا أعرف طبياً أو نفسياً ما السبب وراء قصص الحب القوية التي تولد من رحم الشدائد. ولكن انسانياً أعرف كيف هو الشعور في مواقف كتلك ، مواقف تلغي العقل و الحسابات والهراء عن النظرة المستقبلية. ازمات لا تعرف كيف ستكون حياتك أثنائها و الأهم بعدها

أعرف تماماً كيف تنقلب موازين القلب اذا وجلت النفس … فيميل لمن لم يكن في الحسبان و يلقي بأثقاله على شواطىء لم تكن على خارطة طريقه أبداً. أعرف كيف هو الحب في زمن كهذا… لعل بعضكم يعرفه. فهو ليس كالحب في الأحوال الطبيعية الأخرى

في رأيي أنه حب نقي و حقيقي إلا أنه قد يكون في بعض الحالات زائلاً بعد زوال الأزمة. هي لحظات نادرة تلتقي فيها الأرواح الخائفة و ربما الوحيدة. ولأنها نادرة فتكرارها عزيز و بقاءها غير مضمون. وكم من حب زال من غير ميعاد

كورونا… اسم جديد لأزمة ليست جديدة ، نسأل الله السلامة منها، ستنتهي كما انتهت أخواتها. و ستترك وراءها قصصاً من النجاة و المعاناة و اكتشاف الذات و اكتشاف الآخرين. قصصاً سنراها في أفلام و كتب تحكي عن نفس المحتوى ، عن نفس التلاقي و نفس الشرارة ، عن نفس الحب الكبير… الذي قد لا تكتمل الأزمة الا به

زهرة لوتس

عندما يرحل بك الحب

لا تسمح لمن يرحل عنك ان يرحل بك … قرأت هذه الكلمات لأحد المغردين على تويتر،  و من لحظة قراءتي لها حتى لحظة كتابتي لهذه التدوينة وأنا اسيرة كل حرف فيها. أفكر في النفس التي رحلت مع من رحل، وأفكر باعجاب كيف استطاع ان يوجز قصص حب ولقاء وفراق في بضع كلمات هي السهل الممتنع

لكن هل لنا الاختيار في أن نسمح أو لا نسمح… هل يملك احدنا ان يحمي نفسه من ان تفارقه بعد ان تعلقت بقلب هائم لا يقوى على الثبات والاستقرار! فما اصعب البقاء وما اسهل الرحيل… يحل كل المعضلات التي تعجز امامها الكلمات والأفعال … كل الراحلين جف لديهم الاهتمام فرحلوا !! فأنا لا اصدق ان كان هناك ما هو اقوى من ارادتهم ليجبرهم على الرحيل. لقد قلتها لنفسي من قبل ، الكل يخذلك في مرحلة ما من الرحلة ويجعلك تتمنى لو أنك خلقت بلا قلب أصلاً

بدايات مشوقة توصلك إلى نهايات مؤثرة ، وسواء طالت الفترة بينهما او قصرت و إن اختلف سبب الرحيل، فهو في النهاية نفس الرحيل الذي يكسر نفس المكان من القلب، مخلفا وراءه كماً من الندم و كومة من الأسئلة القاسية التي لا اجابة لها أو أن اجاباتها أقسى منها

هل يمكن فعلاً أن نحب بحرص؟ أن نترك مسافة أمان بيننا وبين من نحب حتى اذا ما اصطدمنا و افترقنا لا نخسر أنفسنا مع رحيلهم… و ماذا عنهم؟ هل خسروا؟ هل فازوا؟ … هل ارتاحت قلوبهم يا ترى!؟؟

شكراً … @shazlong81

زهرة لوتس

tweet

الأسود يليق بكِ – رواية لأحلام مستغانمي

ahlam2012

هذه احدث مؤلفات الرائعة أحلام مستغانمي ،صدر في نوفمبر ٢٠١٢. قرأت عنه قبل صدوره وأثار فضولي ان اكشف السر وراء عنوان غير تقليدي كهذا.. الاسود يليق بكِ ! 

نحن في المجتمعات الشرقية ننظر للون الاسود اما على انه لون الحزن او انه الغموض. لكن البعض يراه رمزاً للفخامة لأنه سيد الألوان. وهكذا استحوذت علىََ فكرة العنوان.. هل يليق بها الحزن أم يليق بها الغموض.. أم كلاهما!

وها هي القصة تفصح عن لونها، مطربة شابة اصلاً من الجزائر وتعيش في الشام مع أمها.. بعد ان فقدت الاب والأخ قتلاًفي الاحداث الدامية التي أدمت قلب الجزائر في ذاك الوقت. لذلك كانت بطلتنا تتشح دائماً بالسواد .. لون الحزن. الى ان التقت به، رجل اعمال وسيم ثري غامض وكثير الاسفار.. تلك التركيبة الخطرة التي تضعف أمامها الكثير من النساء.. فما بالنا بها تلك الوحيدة الفقيرة الحزينة.. هل نضيف أيضاً الضعيفة؟  حيث ان الوحدة والفقر والحزن قد يكسروا العزم ويحبطوا الأمل في المستقبل.. لكن لا والف لا !!  في الحقيقة يروق لي كثيراً هذا النوع من النساء.

  لم تكن “هالة” بضعيفة ابداً.. هزمها الحزن نعم.. لكن لم يهزمها ثراؤه  ولا محاولاته الفريدة في استعراض ما لا يمكن لاحد غيره ان يفعله او ينفقه. لم يقدر ان ينتصر على عادات وتقاليد القبائل التي انحدرت هي منها وزرعت بداخلها حراس الليل والنهار يحرسون شرفها و كبرياءها وكرامتها. ومع ذلك احبته وعشقت هاتفها لأجل سماع صوته لتعرف متى ستلقاه ثانية.. وإلى أي بلد سيأخذها.

قصة حب في غاية التشويق يتجاذب طرفيها ابطال القصة.. فتفرد الكاتبة عضلات كلماتها لتصور الحالة التي يعيشها كل منهم لاول مرة. “هي” في مواجهة طوفان حبه الذي كاد ان يغرقها بنفوذه و مفاجآته وماله.. فللمال إغراء كبير ولا شك. اما “هو” فقد استيقظ قلبه على نعومتها ولباقتها وصوت غنائها حتى تمنى لو انه يستأثر به لنفسه دون العالم كله. وهنا تتألق أحلام وتتفوق على نفسها في وصف مشاعرهما وتقلباتها والأماكن بتفاصيلها كأننا نراها رؤى العين. فتشعر أنك شاهد على سجال بين الحب الذي يحمل المال والنفوذ سلاحاً من جهة، والحب الذي يحركه الصدق و النقاء والحرمان من جهة أخرى، حقاً كانت .. معركة بين حُبين !

هذه الكاتبة تحاور قلبك وعقلك قبل أن تحاور أبطال رواياتها. استغرقتني في قراءة كتابها، استولت عليّ حتى أنهيته في وقت قياسي. كتاب رائع، يحمل زهرة التيوليب البنفسجية عنوانا مميزا وبارزاً تكاد تفوح رائحته من بين صفحاته. تنتهي القصة نهاية تقليدية سعيدة الا انها نهاية منطقية .. قد تعجب الكثير من النساء لانها تنتصر لكل “أحلام” قابعة في داخلنا وتطلق سراح الانثى التي ترفض ان يستملكها او يستحوذ عليها احد. ولكنها قد تكون نهاية محبطة لمن يريد المزيد من جولات المصارعة العاطفية على حلبة القلب. 

اتمنى لكم قراءة ممتعة.

 

زهرة لوتس