في حياتنا اليومية يمر الناس امامنا سريعاً.. واحياناً سريعاً جداً حتى انك لا تكاد تلحظ ملامحهم أو افعالهم واقوالهم. وفي حياتنا الخاصة قد تشغلنا اعبائنا وامنياتنا للمستقبل عن النظر بتمعن في تفاصيل الحاضر. حتى ولو كان الحاضر هذا يعني أقرب الناس اليك.
كنت قد قررت أن أوقف عجلة الزمن لبضعة ايام لأسافر مع اولادي في عطلة صيفية قصيرة. علّنا نستعيد صيغة المعادلة المرحة التي كنا نطبقها في حياتنا بعد ان اربكتنا هموم الدنيا وهموم “أم الدنيا“.
هذه الأجازة كانت فرصة لأن اعيد تقييمي لهم عن قرب وهم في مزاج رائق ومتحمسين للتغيير والتجديد. فبالرغم من أنني أهتم بهم كثيراً وأضعهم على رأس قائمة أولوياتي إلا أن تواجدنا مع بعض .. ليل نهار.. لعدة أيام كان مفيداً ومداعباً للقلب ومدفئاً للروح. أعدت اكتشافهم من جديد، فرأيت ميزة هنا .. ولمحت عيباً هناك، ولمست نضجاً .. وقيمت طريقة تعاملهم مع بعض… فرأيت الأنانية .. ورأيت الصبر.. وغمرتني الصغيرة بشقاوتها. مختلفين كثيراً عن بعضهم البعض.. سبحان الله !
كان عليً أن استوعب كل منهم بقدر ما يحتاج اليه من اهتمام أو تطييب خاطر.. أو توجيه خفيف – فهذا ليس وقته – واضطررت للفرملة في بعض المواقف. لا شك أن للشباب جموحه وشططه .. كما للأطفال. في الحقيقة مهمتي كانت صعبة بعض الشىء، فغرضي هو الترويح عن الجميع واستعادة النشاط والبهجة، ولكن رغماً عني كانت عين الأم لا تكف عن ملاحقتهم انما في صمت حتى لا يضيقوا بي أو ينفروا مني. وهذا كان في نظري احد اهم جوانب هذه العطلة اللطيفة.
أما الجانب الآخر .. فقد كان مرحاً مليئاً بالترفيه والأحاديث ولحظات الانبهار بكل جديد نراه أو نفعله .. يعجبني جداً استخدامي لنون الجماعة هنا “نراه” ، “نفعله” .. الحقيقة انه فضلاً عن استعادة النشاط و الترويح عن النفس فإن الشعور باللمة الأسرية هو ما فزت به في اجازتي، فبضعة ايام كانت كفيلة بأن تلقي بنسيم عليل على قلبي وقلوبهم.
اقترب من احبائك اكثر.. شاهد بقلبك ما لاتراه عينك وحجبته عنك همومك ومشاغلك. اقترب .. واحذر أن تطبق على انفاسهم، فالحب الجارف احياناً وخاصة للأبناء قد ينسينا المسافات الفاصلة التي يحتاجون اليها حتى ينعموا بالخصوصية وتتربى لديهم الاستقلالية. اقترب وانعم بدفء لحظات ثمينة هي كل ما سيتبقى لك بعد أن يفر كل منهم إلى حياته الخاصة المُقدرة له.
أسعد الله أوقاتكم مع من تحبون.. ويحبونكم !
زهرة لوتس