حب آخر العمر

يا من حملتك سراً حول معصمي

يا من كتبتك حرفاً في خيالٍ ملهمِ

يا حب آخر عمري

يا حب كل عمري

ِما للعين في لقياك من سأمِ

ولا للنفس في نجواك من ألم

معك العمر عمرٌ و الحب دربٌ

والقلب يبقى في هواك متيمِ

زهرة لوتس

أولادكم ليسوا لكم

رزقني الله من الأبناء ثلاثة ، و رزقني معهم من الأقدار أصعبها… اذ قُدِر لي أن أربيهم وحدي في اهم مراحل حياتهم. وحدي سهرت و داويت ، وحدي رافقت الى أول يوم في المدرسة، وحدي للشكوى استمعت و احتويت… كانت ومازالت رحلة شاقة فتربية الأبناء صعبة و تحتاج الى الكثير من التفاني من الأب و الأم لرعايتهم. فإن كنت وحيداً تطير بجناح واحد مثلي أنا، فإليك خلاصة تجربتي التي مازلت اعيشها و أزعم أن لديً ما أقوله

لا خلاف على أن الأبناء نعمة كبيرة بكل نجاحاتهم و اخفاقاتهم ، بكل صلاحهم و عصيانهم. و كما لم يخلق الله بصمات اصابع كأخرى، كذلك نفسيات و شخصيات البشر التي تتشكل في سنوات عمرهم الأولى. و الخطأ الذي يقع فيه الأهل كثيراً هو تطبيق أسلوب تربية موحد على كل الأبناء متجاهلين بذلك الفروق الفردية بينهم. فقد نتفق على أن هناك مبادىء سلوكية أساسية يجب أن ترسخ فيهم، إلا أن حتى هذه المبادىء تحتاج إلى أساليب تطبيق مختلفة تتناسب مع تركيبة شخصياتهم و احتياج كل منهم على حدة

منذ طفولة الأبناء تظهر اختلافاتهم: فهناك الطفل الهادىء الضاحك الذي يحلم به كل زوجين، وهناك الطفل الانطوائي الذي يخشى من الغرباء و يفضل أن يظل منعزلاً، وهناك الطفل الاجتماعي الذي لا يكف عن الثرثرة ، و يصادق كل من يصادفه و يحكي لهم ببراءة عن اسرار البيت ! … كما أن هناك الطفل الفائق النشاط و الذي لا يستطيع أن يهدأ في مكان واحد لدقائق و يضيق به الأهل و المحيطين به

أنماط الأطفال كثيرة .. كما ان الاناث غير الذكور.. و هكذا كلٌ له سماته، بعضها موروث و البعض الآخر مكتسب. فعلينا أن نعرف من هم ابناؤنا وإلى أي نمط ينتمون، ما الذي يميزهم و ما الذي يعيبهم، وما الذي ينقصهم لتتوازن شخصياتهم. لا تلوموا ابنائكم إن لم يحققوا احلامكم لأنها ببساطة ليست أحلامهم!!. و لا تعنفوهم على فشلهم أو تأخرهم الدراسي لأن وراء ذلك نسبة ذكاء… و أسلوب تدريس… و مشاكل في التعلم

الأسباب كثيرة يفندها لكم الأطباء المختصين في علاج الأطفال نفسياً و اجتماعياً ان صعب عليكم تقويم ما لديهم سلوكياً أو دراسياً، هل فكرت يوماً أن ابنك قد يحتاج إلى علاج متخصص و ليس إلى صفعة على وجهه

أولادكم بحاجة دائمة إلى الحب غير المشروط، الحب في اولى خطواتهم، و الحب في عناءهم مع الدراسة، و الحب في تصحيح اخطاءهم. أحبوهم حباً كبيراً و ترجموا هذا الحب إلى خطة تربوية مرنة تتناسب مع عصرهم و مع مستقبلهم الذي ينتظرهم… خطة تتغير بتطورات أعمارهم و شخصياتهم و اهتماماتهم و ردود افعالهم. اعرفوا اولادكم و لا تعاملوهم نداً إلى ند، و انزلوا إلى مستواهم لتعرفوا التحديات التي يواجهونها.. فتأخذوا بأيديهم في تحويل الاحباطات الى آمال كبيرة تتحقق في الحاضر و المستقبل. أنتم تربونهم للغد.. و ما ادراك ما الغد

و ليس أروع من كلمات “جبران خليل جبران” أستكمل بها كلماتي ، وأقتبس هنا بعضاً منها

أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها

في طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادكم، ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم، فهي تقطن في مسكن الغد الذي لا تستطيعون أن تزوروه حتى و لا في احلامكم

عبثاً تحاولون أن تجعلوهم مثلكم لأن الحياة لا ترجع إلى الوراء، ولا تلذ لها الإقامة في منزل الامس 

كلمات من ذهب تصلح لأبناء كل زمان، لأن هناك دائماً مستقبل، ذلك المستقبل الذي تعدون ابناءكم  له… لأنهم أهله

زهرة لوتس