يا سبب فرحتي

وقد تأتي استراحة المحارب على اعتاب كلمات اغنية عابرة و معبرة مست قلباً اشتاق لمن يقاسمه شيئاً… أي شىء و ينتمي اليه و يتغزل في صمته قبل كلماته ، و يكون سبباً في فرحته

نعم … اعرف … ستبقى مجرد كلمات في اغنية اعجبتني و لكنها طمأنتني على نفسي الرقيقة اني مازلت استشفى بالموسيقى و الكتب … و صوري القديمة

و لا حاجة بتهمني طول ما انا شايفاك بخير

زهرة لوتس

هُنا كانت القاهرة

أنا … مصرية الهوية و الهوى، قاهرية السكن و الذكريات. غادرتها من سنين و تركت فيها أجمل ما في النفس من شعور… الانتماء. فمنذ ذلك الوقت و انا لا انتمي الى مكان و لا الى انسان، و اصبحت انتمي الى نفسي فقط، و نفسي تحيرني ما بين ذكرياتها المصرية القديمة التي تكاد تمحوها ذكريات الغربة القريبة. اذا نظرت الى نفسي وجدتني اثنتين متعايشتين مع بعضهما البعض و تشبهان بعض و لكن مكون كل منهما مختلف

أين أنا من تلك الفتاة الحالمة التي كانت احلامها و طموحاتها تملاً الدنيا صخباً و افكاراً و ضحكات تعلو الى السماء. بل أين تلك الفتاة من هذه المرأة المثقلة بهموم اليوم و الخوف من الغد و قد جفت مآقيها من سهر الليالي وحيدة تحدث نفسها و نفسها لا ترد حديثاً! … و في نهاية اليوم شاكرة لكل ما انعم به الله عليها

صدق من قال أن البعيد عن العين بعيد عن القلب… فالغياب الطويل من اصعب الاقدار و اغربها، و تصبح العودة محملة بتوقعات كثيرة و خطط وهمية لا تمت للواقع الصادم بشىء

تغيرت القاهرة … وقهرتني انا و اولادي بزحامها و صخبها و مبانيها القديمة، ذلك الذي كان عادياً بالنسبة لي في يوم من الايام، طبعاً لقد هرمنا ! انها انطباعات متوقعة و اظن انها تحدث مع كثير من المغتربين، فتغير المكان و الزمان و المقارنه غير المنصفة بين هناك وهنا تجعلك كالمفقود في الفضاء حتى في مفردات كلماتك التي يسخر منها كثير من السامعين

أما على مستوى الأسرة الحبيبة، فقد كبروا الصغار … و كبروا أيضاً الكبار، و تغيرت المعادلة و زاد عدد الأحفاد، و نقص عدد الأقارب فرحل منهم الكثير و لم يخبروني عنهم حتى أني للأسف لم اكد احزن على أي منهم لكثرتهم

و لغرابة الموقف لم اجد ما احادثهم فيه و لم اشفي شغفهم بمعرفة تفاصيل التفاصيل، وكنت مستمعة متململة اكثر من متحدثة، فبرغم كل الاحداث التي مرت و تمر بي، لم اجد لديً رغبة لمشاركتهم بها. النفس الثانية بداخلي لم ترحب كثيراً بمجلسهم و لا بحواراتهم المكررة و التي تفيض بالشكوى من الجحود و الغلاء و المرض و و و …و الوحدة ! و من أكثر مني يعرفها و يصادقها ليل نهار

أشعر بالخجل من نفسي نحو هذه المشاعر التي كنت اتمنى أن ابادلهم بأحسن منها فهم يستحقون الأفضل. و انتظارهم الحار لي اخجلني و زاد من العبء على نفسي و لا اعرف لذلك سبباً واضحاً

في كل مرة اصل الى القاهرة انتظر منها شيئاً جديداً أو سبباً جديداً حتى اضمها الى قلبي كما كنت افعل سابقاً، و للأسف لم تعطني اياه. و مازلت اتظاهر بأني أحبها – ربما ليس في فصل الصيف الملتهب– او لعلني مازلت احبها و أن فقط طاقة اولادي السلبية تجاهها هي التي كانت تؤذيني و تحجب عني كل ما كنت احبه فيها و اتغنى به

تصحو الآن ذكرى والدي رحمه الله عندما كان في الزمن البعيد يفتح الراديو في الصباح الباكر، و استيقظ أنا على صوت المذيعة تقول “هنا القاهرة” فكنت امازحه صغيرةً و اقول له بأن القاهرة هنا في صالة بيتنا فيضحك و يوافقني القول. و ها أنا بعد عشرات السنين من السفر و العودة يساورني نفس الظن بأن القاهرة … قاهرتي كانت هناك في بيتنا و ذهبت معه، و برغم تكرار العودة ثم السفر مازلت اشتاق اليها في خيالي بقدر اشتياقي لوالدي و اشتياقي لبيتنا القديم  

إلا أنها تبقى رائعة تلك الليالي النيلية المضيئة، و تبقى عزيزة و غالية تلك الضمة الأولى عند الوصول، المفعمة بالحب و الشوق و الحنين و كل الدفء العائلي الذي اتوق اليه، و أبقى أنا احمل لقب “غريبة” مهما اقتربت

زهرة لوتس

إليكِ يا سُمَية

تابعتها بعيني عندما دخلت حيث جلست انا وحيدة،كالعادة، و هي تجوب بين الجالسين برداءها المتهالك تسأل عشرات الأسئلة و تخبرهم جميعاً ألا معين لها الا الله. بعد أن تخلى عنها اخوانها و زوجها الذي طلقها من سنين. يقولون لها ان اوراق معاملتها تتكلف مبلغاً زهيداً من المال، و المسكينة أتت من قرية بعيدة و ليس معها سوى ما يكفي لمواصلاتها فقط. تدور بين الناس لتبحث عمن يساعدها، اداروا وجوهم جميعاً و كأنهم لا يسمعون ولا يرون. نهضت انا لمساعدتها و كانت مترددة ، احتضنتها و اكدت لها أن الناس لبعضها

ثم جاءت لتجلس الى جواري لتعبر لي عن شكرها و امتنانها. و سألتني عن اسمي فسألتها أيضاً عن اسمها و قالت “سمية”. ثم اخبرتني بقصة حياتها التعيسة، تلك القصة التي لم يكن ينقصني أن أسمعها و أرى دموعها تجري على خديها. طلقها زوجها بعد فترة قصيرة من زواجهم الذي اثمر عن ولد وحيد ، ولم يفكر في اعالتها و الانفاق عليها و كأنه طلق ابنه معها. ذلك الابن الذي لم يكن يحسن النطق و الكلام… فأخذت على عاتقها تعليمه و علاجه لدى عيادات التخاطب. و اصرت على أن يكمل تعليمه بمنتهى الصعوبة حتى يتخرج و معه شهادة ليحصل على عمل جيد. تحكي كلمتين ثم تذرف دمعتين حزناً على تخلي الناس عنها و اضطرارها لمواجهة الحياة الشرسة وحيدة

ثم يخرج ابنها ليخبرها انهم مضطرون أن يذهبوا إلى ادارة اخرى لاستكمال بعض الأوراق… فتدور بها الدنيا و تجري إليَ و تطلب مني أن أذهب معها خوفاً من الطريق الذي تجهله. فضحكت و عيني ملؤها الدمع و أخبرتها اني لم انهي أوراق معاملتي بعد. فتظل تدور حول نفسها و هي مترددة ثم خرجت و عادت مرة  اخرى بجواري، تطلب مني هذه المرة مبلغاً من المال لاستكمال اوراق ابنها

عيونها زائغة و جسدها متوتر غير مستقر و جيوبها خالية… و بالرغم من ذلك تبذل ما في استطاعتها من اجل ابنها الوحيد … حاضرها و مستقبلها الذي على ما يبدو أنها لا تعرف غيره

إليكِ يا “سمية” أنحنى وأنا أعلم أني قد لا أراكِ ثانية، أقدر كل دمعة قفزت من مقلتيكِ… أقدر كل لحظة لهفة على ابنك و كل مرة عالجتيه فيها. أقدر كل يوم أمسكتِ بيده ذهاباً و اياباً إلى المدرسة حتى لا يتوه و هو غير قادر على الكلام

إليكِ يا “سمية” كتبت سطوراً متواضعة لا تصل إلى مقام قهرك و حبك و أمومتك التي لن أنساها ما حييت، سطوراً شعرت أنها لابد أن تدون في مكان ما اكراماً لقوة نفسك و بشاشة وجهك و ابتسامتك

زهرة لوتس

لقاء الخصوم

غَيٍر اسمك كيف شئت

فَاِسْمُ اثمك تعرفه حتى الغيوم

وغَيِر رسمك ان اردت

فشكل ظلمك في عيني يدوم

فأنت الذي خان الوعود

وذبلت على اياديك الورود

وذابت من حياتك كل الحدود

غَيِر عنوان وَكْرِك اين كنت

فإن مآلك عند المليك الذي

تجتمع حقاً عنده كل الخصوم

زهرة لوتس

فيلم الحب الضائع – 1970

من أروع و أصدق الأفلام المصرية ، عن قصة لعميد الأدب العربي الراحل الرائع طه حسين. القصة الأصلية تدور احداثها في فرنسا، ثم عند انتاج هذا الفيلم تم تعريب احداثه ليخرج فيلماً من أقرب الأفلام الى القلب و يصلح راوياً لقصص الحب

احبه بدءا ً من عنوانه و احفظه عن ظهر قلب!… فكم من قصص حب ضائعة في حياتنا، تلك التي كانت تستحق البقاء ولم تبقَ. ربما ضاع الحب لأنه كان رائعاً بقدر براءته و صدقه و كل المشاعر الجياشة التي إن بقيت لقتلها الملل او الغيرة او كل المشاكل الانسانية السخيفة التي اضاعت حبي ،و حبك، و قصص حبكم جميعاً مهما كان حباً عميقاً و قوياً، ففي النهاية ضاع و اضاع معه من السنين اجملها و من العواطف ادفأها و ترك فراغات في القلب المتعب المقهور الذي مازال يؤمن بأن هناك حباً في انتظاره في قلبٍ ما

تتشابك في احداث الفيلم قصص حب مختلفة، حب ضاع بالفراق، و حب ضاع بالخيانة، و حب أضاع صاحبته و قضى على حياتها بعد أن قضى على صداقة عمرها و حب طفولتها. لم يكن حباً واحداً ضائعاً و انما كل حب في هذه الرواية كان مصيره الضياع. هل يا ترى هناك جمع لكلمة حُب؟ وهل يا ترى حبك الجديد هو في الحقيقة حب ضائع من احدهم و دارت به السبل حتى اتاك في ثوب جديد؟! …نعم بهذا الفكر المجنون يمتلىء عقلي بالتساؤلات التي لا تنتهي الا بنهاية الفيلم

تتجلى في هذا الفيلم أناقة الزمن الجميل، بل الأجمل !! عندما كان الجمال هو عنوان ذلك الزمن و شعاره… روعة عيون زبيدة ثروت وعفوية احساسها، جمال و رشاقة اداء سعاد حسني في شبابها… فخامة مصر في اواخر الستينات و مطلع السبعينات … ثم الموسيقى التصويرية للفيلم… التي اكتشفت الان فقط عند كتابة هذا السطر انها من اجمل ما يأخذني في هذا الفيلم

كتبت تستجديه بكلمات شهيرة يعرفها من شاهد الفيلم مائة مرة مثلي أنا: “لم أدبر انا و لم تدبر انت ان يميل احدنا إلى الآخر… خذ بيدي و عُد بي إلى العقل و الضمير… لم يبقَ لي قوة اقاومك بها …” هكذا كانت كلمات الرسائل الصادقة قبل ان يولد العالم الافتراضي بكل ضبابيته التي اضاعت و ستُضيع المزيد من قصص الحب

زهرة لوتس  

حب آخر العمر

يا من حملتك سراً حول معصمي

يا من كتبتك حرفاً في خيالٍ ملهمِ

يا حب آخر عمري

يا حب كل عمري

ِما للعين في لقياك من سأمِ

ولا للنفس في نجواك من ألم

معك العمر عمرٌ و الحب دربٌ

والقلب يبقى في هواك متيمِ

زهرة لوتس

أولادكم ليسوا لكم

رزقني الله من الأبناء ثلاثة ، و رزقني معهم من الأقدار أصعبها… اذ قُدِر لي أن أربيهم وحدي في اهم مراحل حياتهم. وحدي سهرت و داويت ، وحدي رافقت الى أول يوم في المدرسة، وحدي للشكوى استمعت و احتويت… كانت ومازالت رحلة شاقة فتربية الأبناء صعبة و تحتاج الى الكثير من التفاني من الأب و الأم لرعايتهم. فإن كنت وحيداً تطير بجناح واحد مثلي أنا، فإليك خلاصة تجربتي التي مازلت اعيشها و أزعم أن لديً ما أقوله

لا خلاف على أن الأبناء نعمة كبيرة بكل نجاحاتهم و اخفاقاتهم ، بكل صلاحهم و عصيانهم. و كما لم يخلق الله بصمات اصابع كأخرى، كذلك نفسيات و شخصيات البشر التي تتشكل في سنوات عمرهم الأولى. و الخطأ الذي يقع فيه الأهل كثيراً هو تطبيق أسلوب تربية موحد على كل الأبناء متجاهلين بذلك الفروق الفردية بينهم. فقد نتفق على أن هناك مبادىء سلوكية أساسية يجب أن ترسخ فيهم، إلا أن حتى هذه المبادىء تحتاج إلى أساليب تطبيق مختلفة تتناسب مع تركيبة شخصياتهم و احتياج كل منهم على حدة

منذ طفولة الأبناء تظهر اختلافاتهم: فهناك الطفل الهادىء الضاحك الذي يحلم به كل زوجين، وهناك الطفل الانطوائي الذي يخشى من الغرباء و يفضل أن يظل منعزلاً، وهناك الطفل الاجتماعي الذي لا يكف عن الثرثرة ، و يصادق كل من يصادفه و يحكي لهم ببراءة عن اسرار البيت ! … كما أن هناك الطفل الفائق النشاط و الذي لا يستطيع أن يهدأ في مكان واحد لدقائق و يضيق به الأهل و المحيطين به

أنماط الأطفال كثيرة .. كما ان الاناث غير الذكور.. و هكذا كلٌ له سماته، بعضها موروث و البعض الآخر مكتسب. فعلينا أن نعرف من هم ابناؤنا وإلى أي نمط ينتمون، ما الذي يميزهم و ما الذي يعيبهم، وما الذي ينقصهم لتتوازن شخصياتهم. لا تلوموا ابنائكم إن لم يحققوا احلامكم لأنها ببساطة ليست أحلامهم!!. و لا تعنفوهم على فشلهم أو تأخرهم الدراسي لأن وراء ذلك نسبة ذكاء… و أسلوب تدريس… و مشاكل في التعلم

الأسباب كثيرة يفندها لكم الأطباء المختصين في علاج الأطفال نفسياً و اجتماعياً ان صعب عليكم تقويم ما لديهم سلوكياً أو دراسياً، هل فكرت يوماً أن ابنك قد يحتاج إلى علاج متخصص و ليس إلى صفعة على وجهه

أولادكم بحاجة دائمة إلى الحب غير المشروط، الحب في اولى خطواتهم، و الحب في عناءهم مع الدراسة، و الحب في تصحيح اخطاءهم. أحبوهم حباً كبيراً و ترجموا هذا الحب إلى خطة تربوية مرنة تتناسب مع عصرهم و مع مستقبلهم الذي ينتظرهم… خطة تتغير بتطورات أعمارهم و شخصياتهم و اهتماماتهم و ردود افعالهم. اعرفوا اولادكم و لا تعاملوهم نداً إلى ند، و انزلوا إلى مستواهم لتعرفوا التحديات التي يواجهونها.. فتأخذوا بأيديهم في تحويل الاحباطات الى آمال كبيرة تتحقق في الحاضر و المستقبل. أنتم تربونهم للغد.. و ما ادراك ما الغد

و ليس أروع من كلمات “جبران خليل جبران” أستكمل بها كلماتي ، وأقتبس هنا بعضاً منها

أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها

في طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادكم، ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم، فهي تقطن في مسكن الغد الذي لا تستطيعون أن تزوروه حتى و لا في احلامكم

عبثاً تحاولون أن تجعلوهم مثلكم لأن الحياة لا ترجع إلى الوراء، ولا تلذ لها الإقامة في منزل الامس 

كلمات من ذهب تصلح لأبناء كل زمان، لأن هناك دائماً مستقبل، ذلك المستقبل الذي تعدون ابناءكم  له… لأنهم أهله

زهرة لوتس

رُدَّ قلبي

بعد ما يقارب السنة … عادت حبيبتي ، عادت ابنتي و صديقة عمري ، و عاد معها جزء من قلبي الذي كان فارغاً بغيابها. أشعر باحساس اكبر من ان تصفه الكلمات ، احساس لا يحسن وصفه سوى خفقات القلب ، احساس وصفته دموعي التي انهمرت لحظة رأيتها تخرج من باب المطار

صدقوا حين قالوا أن أحد أحب الابناء هو الغائب حتى يعود. ألا لعنة الله على الغياب و على الغربة و على المسافات التي قتلتني وأحيتني مرات و مرات طيلة عام من الانتظار و اللهفة في ظل قيود السفر بسبب جائحة كورونا

عادت… و عادت معها الثرثرة المحببة لقلبي و الاسئلة التي لا تنتهي و التي لا اريد لها ان تنتهي حتى  ولو لم يكن لها اجابة عندي. وجدتها و قد أصبحت أكثر نضجاً و حكمة وكأنما مرت عليها سنوات وليست سنة، فقد كانت سنة ليست كغيرها من السنوات التي نعرفها في كتاب العمر. مرت بها ضغوطات كثيرة واجهتها وحدها… غلبتها حيناً و تغلبت هي عليها احياناً أخرى

من يدري! .. فلربما كان هناك جانب مشرق لهذه الأزمة… فقد رأت من الدنيا و من الناس ما لم تره من قبل ، ففي ازمات كتلك فقط تظهر المعادن على حقيقتها. ثم اتخذت وحدها قرارات كبيرة و مهمة في حياتها العملية. أصبحت تعرف ما الذي لا تريده ، وهو الأهم  و الأصعب لتخطيط مسار المستقبل

عادت … و أضاءت ارجاء المنزل بضحكتها التي ادعو الله أن يديمها عليها و علينا، و أصبح المطبخ على قدم و ساق لأجل عيون حبيبتي … فالطبخ احد اساليبي شخصياً للتعبير عن الحب، و هل من اغلى من فلذات اكبادنا لنبثهم حبنا و سعادتنا

من كل قلبي … لكل من يقرأ هنا… أدعو الله أن يحفظ لكم أحبابكم و أن يجمعكم بهم على خير و محبة

زهرة لوتس

الجائحة… الجارحة

بسبب جائحة كورونا لم أرَ ابنتي منذ ما يقرب من ثمانية اشهر، و انا التي كنت اراها كل شهر في اجازات نهاية الاسبوع و الاجازات الاخرى و الاعياد، ثم طوال اجازة الصيف. كانت تقضي معنا اوقاتاً اطول من بعدها عنا. ثم اتت ازمة الكورونا و تداعياتها المفاجئة التي لم نتخيلها حتى في اسوأ احلامنا

بيني و بين نفسي اتألم كثيرا لبعدها و لا تقو عيني على النوم و قرتها بعيدة و لا اعرف متى سيلتأم شملنا ثانية. و هي هناك شبه حبيسة بيتها لشهور طوال و تفتقدني و تفتقد اخوتها و تفتقد الطعام الذي اعده لها بكل وصفات الحب التي اعتادت عليها و تحبها

لكنني بيني و بين نفسي ايضاً قررت ألا ازيد همها هماً و الا اشعرها بمرارة هذا الشتات الاجباري، بل انتهزها فرصة لأقترب منها اكثر –ان صح التعبير- حتى احتويها و ادفئ وحدتها و اؤنس وحشتها لعلها تطمئن و اكون انا على تواصل دائم بها

كانت الفكرة ان نتواصل سوياً اطول وقت ممكن، و ان نفعل نفس الشىء في نفس الوقت معاً و نفتح كاميرات الفيديو لتحكي و تشكي و تثرثر كعادتها منذ صغرها. كنت – و مازلت – اطلب لها اكلات اونلاين خاصة الاكلات المصرية التي تحبها  و اطبخ مثلها عندي و نأكلها سوياً عبر الكاميرا.  ارسل لها نسخة الكترونية لكتاب خفيف و نقراًه معاً  او نناقش بعضنا البعض في محتواه. اعطيتها كل تفاصيل اشتراكاتي في قنوات تليفزيونية و مواقع ادبية و فكرية متنوعة حتى تستطيع ان تتصفحها دون ان تحمل هم تكاليف الاشتراك فيها

اعتبرتها فرصة ايضاً لتقترب اكثر من اخوتها و كل منهما له حوار خاص معها و اشجعهم ان يكون حواراً ضاحكاً ساخراً يرفه عنها و عنهم و يخفف على قلوبهم، و أيضاً يبقيها على علم بكل ما يحدث في البيت حتى الأمور البسيطة و التافهة احياناً ، فهو بيتها أيضاً

كتبت ابياتاً دامعة و ارسلتها لها و لم اخف من ان تدمعها ايضا ، فلا عيب في ان تنفس عن قلبها معي و تدمع على كتفي حتى ولو كان افتراضياً ، ولا ضير من التعبير و التنفيس عن بعض من مشاعرنا اياً كان لونها

ثم بين الحين و الآخر افاجئها بهدية ما ارسلها لها عن طريق المواقع الالكترونية الجميلة التي كانت اكبر عون لي في هذه الايام الصعبة… حتى لاكاد اقول انها لم تعد بنفس الصعوبة بقدر صبرنا و تفهمنا و بقدر ايماننا بالله الحافظ. هدايا تترك اثراً عليها اعرفه جيداً ، فيأتيني صوتها سعيداً عبر الأثير لتقول لي “ماما…كلفتي نفسك”. و الله يا ابنتي لو املك ان احضر لك الدنيا كلها لفعلت و اراكِ على خير

و ابقى انا هنا … و تبقى هي هناك ، لا اعلم متى سأضمها إلى حضني الحقيقي ! يقولون لي قريباً …قريباً، حتى اني ما عدت اعرف ماذا تعني كلمة قريباً

زهرة لوتس

مهرج الملك

انا مهرج الملك
انا اللي بكيتو و ضحكك
انا اللي ع الحلوة نسيتو
و ع المرة غصبتو و بلعها لك
تجيني مشتاق لضحكتي
و حكاياتي و نكتتي
و لما تفر دمعتي ..تفر انت و ضحكتك

انا… مهرج الملك
اللي مالوش في الدنيا صاحب مشترك
و مالوش ونيس يلون له وشو و دنيتو
و لا فيش جليس يستناه يخلص نمرتو
يا إما بكل الوان السعادة يلونك
يا إما راسو تطير او يتحبس وسط الشبك

و يبقى المهرج وحيد في اخر حفلتو

الوانو سايحه ف ضحكتو و ف دمعتو
و لما تنشف …. الوانو … او  دمعتو
يرجع تاني يبهرج … يهرج …. ليحيا الملك

زهرة لوتس